By Thameen Darby
عصفور طلّ على الوطن
يستكشف احوال العربِ
شاهد انهاراً و مروجاً
و حقولاً من قمح الذهبِ
و جداول تنضح بالخير
و مروجا من كرم العنبِ
شاهد الاف البلدان
و شعوبنا تنمو كالقصبِ
راعته الوفرة و الكثرة
و تفاخر بين الناس و قال:
عربي قد كان ابي
و أصيل الجدّ انا عربي
سازور بلادي العربية
ارض الحرية و الادب
طار العصفور العربي
كان البدء بارض النيل
شعب معطاء و اصيل
منذ الخلق يكوّن مَجْداً
و فنونا من كل جميل
اختٌ للعرب كبيرة
درعْ للامة و الجيل
شاهد علما في القاهرة
خطين كدجلة و النيل
قال: العلم الازق لكم؟
قالو نجمة اسرائيل
صعق العصفور المحزون
و بكى هابيل وقابيل
كيف الاخ يقتّل لحمه
و يساوم حقا لقتيل؟
و بكى رمسيس و امون
عربات و الخيل أصيل
كانت ترعب قلب الغاصب
و تُحامي عن ارض خليل
و جحافل للظاهر بيبرس
فاضت حتى ارض جليل
و بكى عمر بن العاص
و ارضا ضيعها التدويل
و بكى و بكى و بكى
سار لارض في اليمن
اصل العربية و الوطن
حلق فوق جبال خضر
و تمشى في كل المدن
يبحث عن غابة قهوة
تنبت في نهر اللبن
يبحث عن عود و لبان
و طيوب غالية الثمن
لم ير غير الفقر يباع
في اكواخ من شجن
و العصبية تُؤْكل خبزاً
و سنابل جفت من وهن
و القمح بكيس مستوردْ
بكى العصفور على اليمن
قد نسي معين و بلقيس
مجداً كان لذي يزن
اواه عليك ايا يمن
يقتات القاتُ على زمن
لا يخرج من تحت الزمن
فوق الكثبان الذهبية
طار العصفور الطيارْ
صحراء العرب الازلية
صامتة في عز ووقارْ
راعته ثقوب في الارض
ابارٌ ابارٌ ابارْ
قالوا هذا الذهب الاسود
ثروات من تحت قرارْ
حمد الرب لهذا الفضل
و تمشى في مدنٍ وقفارْ
فراى قصراً من ذهبٍ
مسبوك من جوهر و محار
و فواكه من كل الالوان
و جوارٍ من كل الاقطارْ
و راى جنبه كوخا هشا
و فقيرا يفترش الاحجار
يقتات على زغب الارض
يلعن تييك الاقدار
ان جعلته بلا حسب
في ارض الاشياخ الاكثارْ
و راى رجلا يحمل سوطا
يحكي عن اهوال النار
يحلم في اربع زوجات
و زواج المتعة و المسيار
و يرجم بنتا قد بانت
شعرات منها بنهار
و راى رجلا مصلوبا
قالوا غدارٌ كفارْ
وجدوه يناجي حرية
يقبلها من غير ازار
هاجت في الطير الاشواقْ
يمم نحو بلاد عراقْ
بلاد الخصب المحظية
و عيون الشهد الدفاقْ
بلاد الصفصاف الاخضر
و الخير المصبوب المهراقْ
بلاد ولدت اول شرع
و اول حرف في الاوراقْ
نبوخذ نصر اسرج خيله
و العباس بنى الاسواقْ
حط العصفور على نخل
مجروحٍ صفْر الاوراقْ
قد قطعها اهل البلد
ورقا, جذعا, جذرا, ساقْ
الورق نصيب علي
الجذع نصيب إشاق
الساق نصيب عمر
و الجذر نصيب المحتل
قد يصنع منه عقالاً
تذكارا من غزواته
او يصنع منه نفاق
تقطع قلب العصفور
حط بارض السودانْ
كانت في سالف ازمانْ
سلة فاكهة الاوطانْ
مرّ بامراةٍ تحتضر
و عجوزٍ عطش جوعان
سالوه اكانت مذبحة
في ارض الدافور الاسود
ام عشرات الالاف فقط,
ماتوا من حقد الانسان؟
سالوه متى الامم المتحدة
ستوزع حفنات طحين
وتوزع اكياس هوان
و سمناً اصفر و أمان؟
بكى العصفور و صاح و صاح
ما حل بارض السودان؟
من فرق بين الاخوان؟
فتبدد صوته في الجبهات
ما بين رصاص الحزب
و رصاصات الحزب الثانْ
و طار لارض ليبية
سال عن الواحات الخضر
و حقول كانت مروية
وقف عن قبر المختار
و غنّ قصائد وطنية
صادوه العسكر و اقتادوه
لسجن اللجنة الحزبية
تهمته انه وطني
افكاره ليست شعبية
دهنوه بدهان اخضر
و سموه العصفورالشعبيّ
الحزبي الجمهوري الاكبر
طار العصغور المحزون
قلبه مكسور مشحون
قال عزائي في تونس
ارض الجامع و الزيتون
حط الرحل بكرم عنب
و تمشى في حقل الحنون
كانت خضراء كعادتها
ملئ انهاراً و عيون
سمع بطرف الحقل بكاء
و نحيب مكسور مشحون
سال المنتحبة ما بالك
اجابته حبيبي مسجون
غنى للحرية يوما
لكرامة انسان مطحون
فساقوه لمحكمة الدولة
سموه الخائن و المأفون
منديلا بالدمع مبلل
اعطته, و دمعاً و شجون
طار لوطن لا يقهر
بالغار تكلّل و العنبر
جزائر ارض مروية
بدماء كثر كالمرمر
فتذكر ثورات مرت
و فاض بلحن و تحسر
مر به رجل اسمر
قال غناؤك يا عصفور
اللحن فيه من البربر
مر به رجل حنطي
قال جناحك يا عصفور
عربي الخلقة و المنظر
مر به رجل عصري
قال جمالك يا عصفور
غربي الطلعة و المحضر
مر به رجل غاضب
قال كفاك مهاترة
سلفي اصلك و الجوهر
فتعجب من ارض الشهداء
قسمها الدين لاشلاء
قسمها العرق لاشلاء
قسمها الشعب, و تكسّر
هرب العصفور الى المغرب
منكسر قلبه غلبان
بانت ارضٌ جدّ خصيبة
و مناخ حلو ريان
يمطر حينا ورداً احمر
احياناً يمطر مرجان
شاهد بحراً من ياقوت
و سهولا كثراً وجنان
مر على فتيانٍ سمرٍ
يبنون سفينا من اغصان
قالوا سنهاجر خلف البحر
لبلاد الذهب المجّان؟
خذنا تحت جناحيك
خذنا لحقوق الانسان
خذنا حيث الحريات
فنعيش برغد و أمان
ساروا في بحر الاوهام
لاقاهم حوت جوعان
و كثير في هذي الايام
حيتان كارهة العربان
فابتلع الحوت سفينتهم
ورماهم في ارض الغيلان
حمل المسكين الالام
و يمم نحو بلاد الشام
سورية ارض الريحان
و الارز اراضي الاحلام
حط على غصن ميّاس
وراح يغني للايام
لسفن الفينيق البيضاء
حاملة حرفا و سلام
لخيول السيف المسلول
فاتحة ارض الاسلام
لبلاط الامويين الاحمر
مسبوك من ورد و يمام
و بعد غناءٍ ملتاع
تعب العصفور و نام
ايقظه صوتٌ متغطرس
محكومٌ انت باعدام
كيف تغني خارج سربك؟
اتحرض نحوي الإعلام؟
هذا بلد الصوت الواحد
الكل يغني للقائد
يوم يحارب عن بعد
و يوم يغني و ينام
اعترف الان أيا عصفور
الست تخط شعارات,
فوق جدارٍ للاحلام ؟
الست تخطط للحرية؟
و تشذّب اقواساً و سهام,
تبث بها روح الحب؟
اعترف الان, اعترف الان
محكوم انت بإعدام
هرب الطير الى جزّين
حذرا يتسلل نحو الظل
مر على حرس شديدين
بحثو في ريشه عن طفل
يرمي الاحجار بجينين
ضربوه سهاما موجعة
جرحوا جنحيه بسكين
و رموه بعيدا في حقل
لقاه فدائيّ فلسطين
خبأه بثنية كوفية
و تسلل معه الى حطّين
صار العصفور فدائيا
يحمل اعلاما في ايار
و يزور شهيدا في تشرين
مزروعا بين الحنونْ
و يزور اسيرا في اذار
مسجوناً في قلعة صهيونْ
غنى العصفور الحرية
لحنا ردده الثوار
"الحرية الحرية
من تشرين الى اذار
الحرية الحرية
من تطوان الى الازهار
و من بغداد الى الاقمار
الحرية الحرية
عش للحرية يا وطني
يا وطن الشجعان الاحرار
لا يات ربيع في مرج
من غير مياه الامطار
لا يمشي شعب يا وطني
من غير الحرية أنوار
لا مال يجدي لا ماض
يهدي لا حلفٌ لا ابار
حمل العرب الحرية نوراً
للدنيا يوما و الافكار
هي حق واجب للانسان
لا يجدي الجهل و لا الانكار
الحرية الحرية
لا يجدي الجهل و لا الانكار"
فراه جنودٌ فوق جدار
-جدار يجرح وجه القدس-
ينشد لحن الحرية
ويحرض افواج الثوار
ينقر باباً للامل
ينقل للصبية أحجار
ضرب الجندي رصاصات
الاولى هزّت في اسوان
و الاخرى مرت في البلقاء
وفجّت ارزا في لبنان
و اخرى حطت في صنعاء
و فتقت كبدا في تطوان
مات العصفور شهيدا و شدا
"عربٌ امواتٌ احياء
كسليمان دهوراً ظلوا
جثماناً متكئا وتدا
هل تاتي دودات و تهز
وتد الاعراب الاموات غدا؟"